وجهة نظر نقدية
العلم المغربي واستعمالاته السيئة. .
ذ. بنعيسى احسينات – المغرب
العلم المغربي واستعمالاته السيئة. .
ذ. بنعيسى احسينات – المغرب
نتساءل في استغراب واندهاش كبيرين مع المتسائلين جميعا، عن محل العلم المغربي (الراية المغربية) من الإعراب، في منصات المهرجانات أوالسهرات العمومية، إذ يحمله من هب ودب من فنانين وطنيين وأجانب دون مناسبة وطنية خاصة، ودون سبب مقنع، اللهم إقحامه في مستوى لا يليق بقيمته ومكانته، قصد تشويهه وتلطيخه بعرق هؤلاء دون إدراك معنى وقيمة هذا العلم أوهذه الراية؟ بل يمكن القول إحراج هؤلاء، في الغالب الأعم، برفع الراية والالتحاف بها دون استشارتهم من قبل.
لقد تعرضت الراية المغربية لتشهير وتشويه من قبل ثلة من العاريات، الراقصات بالسويسي مؤخرا، ضمن فرقة المغني تشيلو غرين، الذي أحيى السهرة الختامية لمهرجان موازين صنف الأغنية الغربية. وقد تناسلت كعادتها، تعاليق الفايسبوكيين المغاربة على لقطة لصورة الراية الوطنية، محمولة بين أيدي أربع حسناوات شبه عاريات على منصة السويسي، وسط امتعاضهم واستهجانهم كتسويق لواقع البلاد الذي يستبيح كل شيء حتى قداسة العلم الوطني. ويأتي هذا ونحن نودع مهرجان موازين الذي يبدوا أن القائمين عليه، يحاولون جر البساط، في منافسة غير متكافئة، من تحت أقدام الحكومة والسياسيين والمجتمع المدني، في ما يخص زرع روح الوطنية في المغاربة عبر تسويق العلم الوطني على منصات مهرجان موازين، وهم لا يعيرون أدنى اهتمام لمشاعر غالبية المغاربة، مع العلم أن ثلة من المواطنين راضون على الوضع المخزي هذا ويصفقون له بحرارة.
لقد تعرضت الراية المغربية لتشهير وتشويه من قبل ثلة من العاريات، الراقصات بالسويسي مؤخرا، ضمن فرقة المغني تشيلو غرين، الذي أحيى السهرة الختامية لمهرجان موازين صنف الأغنية الغربية. وقد تناسلت كعادتها، تعاليق الفايسبوكيين المغاربة على لقطة لصورة الراية الوطنية، محمولة بين أيدي أربع حسناوات شبه عاريات على منصة السويسي، وسط امتعاضهم واستهجانهم كتسويق لواقع البلاد الذي يستبيح كل شيء حتى قداسة العلم الوطني. ويأتي هذا ونحن نودع مهرجان موازين الذي يبدوا أن القائمين عليه، يحاولون جر البساط، في منافسة غير متكافئة، من تحت أقدام الحكومة والسياسيين والمجتمع المدني، في ما يخص زرع روح الوطنية في المغاربة عبر تسويق العلم الوطني على منصات مهرجان موازين، وهم لا يعيرون أدنى اهتمام لمشاعر غالبية المغاربة، مع العلم أن ثلة من المواطنين راضون على الوضع المخزي هذا ويصفقون له بحرارة.
فأي فنان وطني أوأجنبي في المغرب، يتحرك على منصة السهرة أوالمهرجان، يعلم أنه في المغرب؛ وطنا وشعبا وملكا، من طنجة (أقصى نقطة في شمال المغرب) إلى لكويرة (أقصى نقطة في الصحراء المغربية)، فلا نحتاج إلى حمله لعلمنا أورايتنا لتأكيد وجود مغربنا ووطننا والاعتراف بهما أوالدعاية لهما. فالعلم الوطني وضعيته الحق ومكانته في الحقيقة هو أن يرفع باحترام وتقدير وإجلال، فحمله من اختصاص المقاومين والثوار والجنود والأبطال، لا أن يُلتحف به أويُلبَس في مناسبات الأفراح والمسرات في مكان عمومي في السهرات والمهرجانات من طرف أي كان، دون حاجة وطنية ماسة وضرورية لذلك. فكثيرا ما يقع هناك شانئان واختلافات ورفض في بعض الأحيان، لحمل العلم المغربي من طرف فنانين عرب وأجانب، وربما حتى بعض المغاربة منهم. فكيف ما كان الأمر، تبقى المسألة اختيارا مبدئيا، رغم أن الأمر أوله وآخره غلط في غلط، إذ حمله لا يضيف شيئا جديدا ذا قيمة إضافية لبلدنا، بقدر ما ينقص منه في غالب الأحيان، بهذا التصرف المخزني الضيق الغير المحسوب العواقب، لأن الوطن ليس فقط راية ونشيد وطني فقط، بل هو المتعدد والمتنوع لغة وثقافة وفنونا والموحَد جغرافيا وتاريخيا وسياسيا ودينيا، لا يحتاج إلى فناني الوطن والعالم من أجل التعريف به، برفع علمه في المهرجانات داخل البلاد، لإلهاب روح الوطنية المفتعلة في الحاضرين والمشاهدين، بل يحتاج إلى عقول وعلماء وسياسيين حقيقيين وفنانين مقتدرين من أبناء وبنات البلد، وإلى رجال ونساء وشباب أحرار مكونين ومثقفين ومجندين لرفع تحديات العصر، والانخراط الحقيقي في التنمية والتقدم، إذا ما سمح لهم بذلك، من أجل رفع هامتنا عاليا بين الأمم في العالم.
في الحقيقة إنها سذاجة وقلة بعد النظر، والتنقيص من قيمة علمنا (رايتنا) من طرف المسئولين والمنظمين للمهرجانات والحفلات، بجعلها في متناول الغادي والبادي دون تمييز يذكر، حيث أصبحت اليوم تقليدا سيئا لا يشرف علمنا ولا بلادنا. فعلى المسئولين إعادة النظر في هذا الأسلوب المخزني الرخيص الذي تشمئز له النفوس الأبية الصادقة، وترفضه العقول الوطنية النيرة، ويستنكره الإحساس الوطني السليم المتفاني في حب وطنه وعلمه ورايته.
فالعلم الوطني أوالراية الوطنية رمز مقدس لا يمسه إلا المطهرون، عبر طقوس راقية ومبجلة، تليق بمكانة الوطن داخليا وخارجيا. فمكان العلم الوطني أن يرفرف في أعلى العليين، فوق المؤسسات العمومية والمصالح التابعة لها في الداخل والخارج، وفي الشوارع عند الاحتفال بالأعياد الوطنية، وكذا في الثكنات الأمنية والعسكرية التي ترفعها في كل صباح وتنزلها في كل مساء، بتحية جماعية خاصة تقشعر لها الأبدان وتهتف لها القلوب وتردد الألسن النشيد الوطني المجيد الذي يحفظه كل مواطن جدير بمواطنته، باعتبار هاتين المؤسستين مكلفتان عن أمن المواطنين والدفاع عن الوطن. وقد يرفرف في المحافل الدولية في المنافسات العالمية الرياضية منها وغيرها، تعبيرا عن جنسية المتبارين وانتمائهم وعن جنسية ووطن الأبطال المتوجين به.
لكن أن يحمل العلم الوطني كل من هب ودب، سواء من المحليين أوالأجانب، في مناسبات لا يحتاجها الوطن والدولة للتعريف بهما، أو يُصنَع منه لباسا يلبسه الذكور والإناث في مناسبات مختلفة كمهرجان موازين مؤخرا بالنسبة لبعض الفنانات المغربيات المشهورات، أوإلصاقها على آلاتهم الموسيقية، اعتقادا منهم أنهم أكثر وطنية من غيرهم. فأي قيمة تبقى للعلم الوطني بكل مكوناته، عندما يتحول إلى لباس يغرق في عرق مرتديه أومرتديها في مناسبة سلمية عامة، أويوضع على كتف فنان أجنبي أوفنانة أجنبية نصف عارية، ربما أرغم أوأرغمت على حمله على مضاد من طرف المنظمين، الذين يعتقدون أنهم بهذا يخدمون الوطن؟ أويبرز في جانب من جوانب للباس أوملصق على آلته الموسيقية، كأن وطننا حديث النشأة والوجود، يحتاج إلى التعريف به؟ أويحتاج إلى دعم ومساندة للاعتراف به. فمغربنا قوي ومستقل وله جذور في التاريخ، سياسيا وثقافيا وحضاريا، تعود إلى آلاف السنين، فهو لا يحتاج إلى التعريف به بهذه الطريقة المنحطة المبتذلة السخيفة، التي لا ترقى إلى مستوى مغربنا العظيم وطنا وشعبا وملكا. فالإقبال على هذه السلوكات المشبوهة، وتعمدها وتكرارها في كل المناسبات العادية وغير العادية، هو من صميم جهل أوتجاهل لمكانة وقيمة العلم الوطني عند الأمم التي تحترم نفسها وقيمها وتاريخها، إن لم تنم عن خلفيات خبيثة تريد النيل من قيمة ومكانة المغرب من حيث تدري أولا تدري هذه الجهة أوتلك، بشكل مباشر أوغير مباشر.
هكذا، ومن جهة أخرى، نجد أن العلم الوطني المغربي يحمله ويرفعه أيضا كل محتج في قضايا اجتماعية خاصة في الأماكن العمومية وأمام الإدارات والمؤسسات العمومية منها والخاصة، أوينصب على خيمة كل معتصم محتج، سواء كان فردا أوجماعة، للمطالبة بالحق المهضوم. فالاحتجاج حق مشروع، والاعتصام والإضراب كذلك، لكن باستعمال لافتة واضحة ومحددة، دون إقحام واستغلال الراية الوطنية وصورة الملك، لأن المحتج والمعتصم والمضرب لا يحتاج إلى راية أوصورة الملك لإثبات جنسيته وهويته وانتمائه داخل وطنه، لكونهما ملك الجميع وفوق كل اعتبار. إلا أنه يظهر أن استعمال الراية الوطنية وصورة الملك هو بمثابة إصباغ مشروعية على الحدث، واتقاء شر العقاب والحماية الرمزية له أولهم، حتى لا ينعت أوينعتوا بالخيانة والعقوق للوطن وللملك، واجتناب أي اصطدام محتمل، حسب عرف المغاربة في هذا الموضوع. وهذا لا نرضاه لراية وعلم بلدنا العريق في التاريخ والثقافة والحضارة، كيف ما كانت تبريرات المدافعين على هذا السلوك الغامض المشكوك في نواياه.
وما نلاحظه اليوم، هو كون العلم الوطني أوالراية المغربية أصبحت مستباحة من طرف الجميع، إذ بدأت تفقد كرزميتها ورمزيتها وكذا مقامها ومكانتها وقدسيتها، كما هو الشأن عند الأمم التي تحترم نفسها وتجعل علمها أورايتها في مقام لا يرقى له أي متطفل أومغرور أوخادع. لقد تحول اليوم إلى موضى للتباهي والرياء الفارغين من أي دلالة، والنفاق والتظاهر بحب الوطن. فليس بهذا الشكل، تكون الوطنية بتمريغ علمنا ورايتنا في عرق كل أفاق منافق أثيم. يمكن أن نحمل العلم الوطني أونلتحف به في مناسبات خاصة، في الدفاع عن الوطن ووحدته الترابية والموت من أجله ليبقى مرفوعا في الأعليين دائما، كما يمكن رفعه خارج البلاد في مختلف التظاهرات الدولية العالمية، لتحديد جنسية المشاركين والأبطال أمام أعين العالم، لكن داخل البلاد، لا يمكن المبالغة في استعمالها إلا في حالات خاصة متميزة، وفي حدود معقولة جدا، مع التبجيل والتقدير والاحترام المرتبطة بطقوس خاصة متعارف عليها دوليا وعالميا.
أتمنى أن لا تثير وجهة نظري هذه أي إحراج للبعض، وأنا أتقاسمها مع كثير من المواطنين، لأنني أغير على علم وطني وبلدي وعلى راية بلدي ووطني. أريد ونريد أن نرى علمنا دائما في العليين؛ مقدس ومقدر ومحترم، إذ نحيا من أجله ونموت من أجله. فالمرجو إعادة النظر في استعمالاته الغير المشرفة لوطننا ولشعبنا ولملكنا.
فعلمنا الوطني ورايتنا الوطنية في قلوبنا وعقولنا وكياننا، لا نسمح لأي كان العبث به أوبها في أي مكان أومناسبة من المناسبات، كبر شأنها أوقل، مدعيا تأجيج، ظاهريا، الإحساس بروح الوطنية لدى المواطنين في الأماكن العمومية وعبر المشاهدة الغير المباشرة. فعلمنا ضميرنا وروحنا ورمز وجودنا جميعا في هذه الحياة، لا يمكن التفريط فيه تحت أي إكراه من الإكراهات، ولا يمكن أن يكون محل المزايدات الفارغة المشبوهة. نموت جميعا ويحيا علمنا رفرافا في سماء مغربنا الحبيب.