بطالة الغرب وبطالة الدول العربية وإفريقيا
محمد صفحة
محمد صفحة
حينما يكتب القلم وتقرأ العيون وتتكلم اﻷلسنة عن معضلات شتى ومشاكل عديدة لتجد في اﻷخير آذانا مغلقة لا تدري بما يحدث أويجري بعالم مليء ببطالة يسودها الدمار والفقر والجريمة والدعارة من جهة، وكل أساليب العنف والفساد من جهة أخرى.
أتحدث هنا عن الفرق بين البطالة في الغرب والبطالة في بلداننا العربية وإفريقيا، ففي أوربا وفي السنوات اﻷخيرة ازدادت بشكل كبير هذه الظاهرة، الشيء الذي وضع كافة المؤسسات الحكومية والخاصة للتصدي لها من خلال خلق صناديق الاندماج تخصص لفاقدي العمل، تمنحهم رواتب شهرية، لمدة سنة أوأكثر، لغاية إيجاد عمل آخر؛ فهناك مكاتب خاصة شغلها الشاغل البحث عن مناصب عمل في جميع الميادين وجميع الاختصاصات والاتصال بالمسجلين لإخبارهم بالالتحاق والمبادرة لعمل جديد. قبل سنوات لم تكن هناك رغبة قوية في العمل، خصوصا في الميدان الفلاحي والميدان الصناعي اللذين يعرفان صعوبة تتطلب مجهود بدني وصبر قوي للقيام بهذه المهنة، فتترك للأجانب الذين يحتاجون إلى لقمة العيش والعمل في هذا النطاق، فمنذ أن حست الدول اﻷوربية باﻷزمة الاقتصادية وتأثيرها على معدل البطالة الذي تزايد، لجأ مواطنوها إلى أي عمل كان وفي أي ميدان دون التفكير في نوعيته بغية الحصول على مدخول شهري يضمن لهم الاستقرار في حياتهم. باختصار كبير فالعقول المدبرة والمسؤولون ذوي الخبرة يتدخلون دائما، بشكل أوبآخر، لحل أي مشكلة يتعرض لها البلد.
ونجد في الطرف الآخر هذه الظاهرة التي تعتبر خطيرة وبدون حلول، حيث لا توجد لا مكاتب تهتم بهذا الموضوع ولا مسؤولون يناهضون لإيجاد منهجية سليمة أوطريقة لإخراج هذه البلدان من بكتيريا البطالة، التي تؤدي إلى السرقة والسطو على أملاك الغير وبالتالي إلى جرائم القتل والانتحار واستعمال المخدرات بشتى أنواعها، مما يؤدي إلى تخريب المجتمع وانحلال اﻷسر وهشاشة البنية الانسانية وانعدام اﻷخلاق وكثرة الفساد، وفي اﻷخير الالتجاء إلى الهجرة غير الشرعية إلى بلدان الغرب لملاقاة مصير مجهول لا تعرف نتائجه، والحديث هنا ليس على الطبقة المتوسطة ذات مستوى دراسي مقبول، فهذا الشبح قد طال أصحاب الشهادات العليا بما فيهم مهندسين ودكاترة وتقنيين ليصبحوا هم كذلك عرضة للمظاهرات الفاشلة والنقابات الكاذبة والنضال المستحيل.
فهل ترى أن مفهوم البطالة عند الغرب يتساوى مع مفهومه في الدول العربية ودول إفريقيا، المتمتعين بثروات تضاعف أوروبا وأمريكا بأكثر من ضعف؟ هذه أسئلة راجت ولا تزال تروج في أذهان من طالته مشكلة البطالة ولسعته سموم اليأس وغربت عنه أشعة التفاؤل لتصبح حياتهم حالكة وظالمة فاقدة ﻷي مستقبل منشود.