حي المنظر الجميل ....المعنى المعكوس للجمال
محمد شاكري
ان قواعد علم الدلالة تقتضي ربط الدال بالمدلول، و تستوجب الصاق الشيء بالمعنى فمثلا حين نتلفظ بكلمة السعادة فهي بالاساس دلالة على رفاهية العيش و راحة البال و حين نقول الازدهار فهو احالة حتمية على التقدم و الرقي .....و وعيا بهذا الربط المنطقي عمد مسيروا الشان المحلي بمدينتي المنكوبة (ليس استعارة و لكن واقعا) الى تسمية احيائنا باسماء سموها ما انزل الله بها من سلطان، ربما لانهم تجاوزوا حسب المنطق اللغوي افاق الفهم و اعتمدوا القابا لا تنطبق الا في مخيلتهم الواسعة بالمفهوم الضيق.
فقد ابدعوا في توصيف السلام و الايمان و الازدهار و الفرح و الكرامة و الوحدة و التقدم ....فالبسوها قسرا لباسا لا يلائم مقاساتها و لا حالها مزكين القولة المغربية الشهيرة "العكر على الخنونة".
فبالعودة الى احد المفاهيم الفلسفية التي كتب لها ان تنقلب راسا على عقب في بلاد الفهم المقلوب اجد مصطلح "الجمال"!!!! فسيتفاجئ زوار حي المنظر الجميل كما ساكنيه بنباهة القييمين على امور العباد في هذه البلاد ، سيعيش المتجول بين ازقة الحي اضطرابا وهو يحاول ان يزاوج بين ما علمته الحياة و ما جادت به فصول الدرس من توصيف و بين واقع الحال الذي يمارس الجلد النفسي على كل من حاول اعمال اصول المنطق في التحليل.
فشوارع و ازقة المنظر الجميل تحولت الى حفر لا تسويها الا امطار الخير، وبعد توالي ضغط الاقدام و العجلات تتحول الى مساحات بنية (بضم الباء) من الاوحال في الوقت الذي ينتظر فيه الساكنة مساحات خضراء ،لتنطلق تمارين القفز على البرك و التي يتقن سكان الحي لعبها و يمتلكون كل المهارات لتمثيل المدينة في مسابقة مستقبلية في المجال.
الجمال المفروض تعزز ايضا باشغال لاحدى شركات الاتصالات و التي قطعت اوصال ما تبقى من المناطق الصلبة الخالية من الوحل لتدك الارض دكا و تحول الحي الى مزرعة مفتوحة للارز ، ناهيك عن البالوعات المفتوحة التي تشكل فخاخا تترصد المارة و العربات .
المشهد الجميل يزداد رونقا مع اطلالة بشائر الليل و ليسدل الظلام الدامس غطاؤه على نقط سوداء خالية من مصابيح الانارة العمومية ، فقمة الرومانسية هي خفت الاضواء و اطفاؤها ،و بما ان المشهد الجميل لا يكتمل الا بتاثيت الفضاء بمزهريات فقد عمدت شركة النظافة الى نثر حاويات للازبال هنا و هناك لا تخضع للتنظيف و لا التغيير المتفق عليه في دفتر التحملات.
امام هذا الوضع فان ساكنة حي المنظر الجميل مستعدة لتلقين الدروس في مفهوم الجمال الحقيقي من خلال تسطير برنامج نضالي ترافعي حتى لا يتم التلاعب بالمفاهيم و ان تسمى الامور بمسمياتها و حتى تحضى هذه البقعة التي جملت(بتشديد الميم) جيوب المضاربين العقاريين و ممتهني تغير التصاميم الاصلية بملايين الدراهم مقابل الاجهاز على المناطق الخضراء وتحويلها الى فضاءات اسمنتية .
و في الاخير نوجه عناية اولائك الذين يختارون اسماء احيائنا و يسهرون على حفلات العقيقة اننا نرضى باسماء من قبيل :صانصو زمرمان و سيدي غريب و المعمورة و السرغيني و بوخام و قبور النصارى و حومة القايد.......لكن لا نرضى ان تمحوا التاريخ لارضاء الجغرافيا و التصاميم الجائرة.
اليكم بعض صور الجمال