هل رحل حقا أبو السوسيولوجية المغربية؟؟
بنعيسى احسينات – المغرب
مسافرون نحن بنو آدم، أبدا مسافرون..
على متن قطار الحياة السريع، راكبون..
لا ندري في أي محطة يودعنا الأقربون..
ولا متى يستقبلنا في دار البقاء السابقون..
نحيى ونموت ككائنات، تلك سنة الفانون..
إلا أن كبار العلماء والمبدعين لا يموتون..
فبأعمالهم وبإبداعهم على الدوام خالدون..
المفسدون فانون والمصلحون أبدا باقون..
في ذاكرة الناس وعند خالقهم يرزقون..
فالفانون حقا خالدون والخالدون فانون.
الموت حق، وأعدل قسمة بين بني البشر..
الموت قدر محتوم ليس لنا منه من مفر..
الكل سيحيى ليموت حقا بالقضاء والقدر..
سرعان ما يطويهم النسيان بدون تذكر..
ففينا من يموت ليفنى بدون أي عذر..
وفينا من يموت ليحيى بما ترك من أثر..
لينبعث من جديد ويبقى طوال الدهر..
فالموت ميلاد جديد عند أولي الفكر..
من العلماء والأدباء وأصحاب النظر..
غيابهم حضور دائم في النهي والأمر.
هناك من يموت فيفنى ليطويه النسيان منا..
هناك منا من قضى ليحيا خالدا أبدا بيننا..
فكثير يحيون ليموتوا ويدركهم الفناء فينا..
وقليل يموتون ليخلد ذكرهم بين ظهرانينا..
فالحياة والموت توأمان متلازمان في داخلنا..
والحضور والغياب وجهان لعملة واحدة فينا..
والخلود والفناء يحددهما ما نقدمه لأوطاننا..
فطوبا للخالدين العظماء الكبار في وجداننا..
وطوبا للأحياء من الأموات الحاضرين فينا..
وطوبا للغائبين الحاضرين على الدوام بيننا..
من أين أبدأ أستاذي سي محمد لأعزي فيك؟؟
وهل أمثالك في حاجة إلى تعزية بعد موتك؟؟
وأنت حي يرزق بيننا بأفكارك وتحاليلك؟؟
فمن أين أبدأ أستاذي "جسوس" لأرثيك؟؟
أمن شخصك؟ أمن نضالك؟ أمن فكرك؟؟
أمن خصالك؟ أمن درسك؟ أمن أسئلتك؟؟
فموتك عندنا حياة متجددة تنبعث من بعدك..
فناؤك خلود بين أهلك وذويك ورقاق دربك..
غيابك حضور دائم بين معارفك وطلابك..
فأنت باق حقا بيننا روحا وفكرا رغم رحيلك.
أنت بجدارة.. أبا السوسيولوجية المغربية..
تأسيسا وتكوينا وتنظيرا وبحوثَ ميدانية..
ومكونٌ للأجيال فيها، بعطاء بكل أريحية.
ولو رحلْتَ عنا، تبقى بيننا أسئلتك الحارقة..
تحيى أبدا فينا، وتنبعث دوما باستمرارية..
خالدة بدون فناء، تزكو بالإرادات الحية..
من طلابك الأوفياء، بعرفان لنبل الرسالة..
رحلت معك جراحك وأسئلتك المحرقة..
وحربك "للتضبيع" أمانة إلى ما لا نهاية..
في عنق المناضل والطالب كهدف وغاية.
قدوة أنت لطلابك سلوكا وفكرا وتنظيرا..
نبراس علمك يضيء عقولا وأمصارا..
نهر أنت جارف معينه لا ينضب مدرارا..
نور فكرك يسري فينا اندفاعا وإصرارا..
أسئلتك المحيرة الحارقة تتناسل فينا فكرا..
دروسك القيمة تنفذ بين طلابك انتشارا..
بطابع التسخين والتعرية تنتشل انتصارا..
اسألوا عن كل مناقبه عند طلابه اقتدارا..
اسألوا عن محبيه عند كل الناس اختيارا..
اسألوا نضاله عن مواقفه وتحاليله تدبيرا.
شرف واعتزاز أن تكون طالبا من طلابه..
تتزاحم من أجل إيجاد مقعد في صف درسه..
في الغالب يتنازل عن مكتبه لأحد طلبته..
ويفضل البقاء واقفا يلقي درسا من دروسه..
كان احترامه للجميع يزيد من قدره واحترامه..
ما يميزه، يجعلك تحس أنك أقرب الناس إليه..
كان إنسانا كبيرا في تواضعه ولطفه وعطائه..
وكان إنسانيا مثاليا في نبله وتسامحه وتعامله..
يعطي بدون حدود من وقته وراحته وصحته..
هذا هو الأستاذ "جسوس" في ظاهره وطويته.
بدون سابق إنذار وبدون أي استشارة من القدر..
وبدون موعد تزورنا المنية ويرحل بنو البشر..
هكذا رحل "سي محمد جسوس" أستاذ النظر..
ضوءه أنار كثيراً كل دروب المعرفة والفكر..
كأنه لم يكن في يوم من الأيام في هذه الديار..
جامع بين الالتزام الجاد وقلق البحث المختار..
لم ينل لا اعترافا ولا تقديرا ولا حظوة الأبرار.
فعظماء الرجال لا يموتون كغيرهم من البشر..
رغم رحيله لم ينطفئ أبدا نور أفكاره بالمقدار..
فموته خلود دائم، وغيابه حضور أبدي بالتذكار.
-------------------------------------------
بنعيسى احسينات - المغرب
( مرثية في حق أستاذنا الكبير الجليل الذي خطفته المنية عن سن 76، أستاذ الأجيال سي محمد جسوس، أستاذ كرسي مدى الحياة بجامعة محمد الخامس بالرباط، أب السوسيولوجية المغربية بدون منازع؛ تأسيسا وتنظيرا وبحثا وتطويرا، تدريسا وتكوينا وتأطيرا وتوجيها، مناضل سياسي محنك؛ تنظيرا وتكوينا وتأطيرا، تحليلا وتوجيها ونقدا... تغمده الله برحمته الواسعة وأسكنه فسيح جنانه، ولذويه وطلابه ولرفاقه ومعارفه الصبر والسلوان, إنا لله وإنا إليه راجعون..)
بنعيسى احسينات – المغرب
مسافرون نحن بنو آدم، أبدا مسافرون..
على متن قطار الحياة السريع، راكبون..
لا ندري في أي محطة يودعنا الأقربون..
ولا متى يستقبلنا في دار البقاء السابقون..
نحيى ونموت ككائنات، تلك سنة الفانون..
إلا أن كبار العلماء والمبدعين لا يموتون..
فبأعمالهم وبإبداعهم على الدوام خالدون..
المفسدون فانون والمصلحون أبدا باقون..
في ذاكرة الناس وعند خالقهم يرزقون..
فالفانون حقا خالدون والخالدون فانون.
الموت حق، وأعدل قسمة بين بني البشر..
الموت قدر محتوم ليس لنا منه من مفر..
الكل سيحيى ليموت حقا بالقضاء والقدر..
سرعان ما يطويهم النسيان بدون تذكر..
ففينا من يموت ليفنى بدون أي عذر..
وفينا من يموت ليحيى بما ترك من أثر..
لينبعث من جديد ويبقى طوال الدهر..
فالموت ميلاد جديد عند أولي الفكر..
من العلماء والأدباء وأصحاب النظر..
غيابهم حضور دائم في النهي والأمر.
هناك من يموت فيفنى ليطويه النسيان منا..
هناك منا من قضى ليحيا خالدا أبدا بيننا..
فكثير يحيون ليموتوا ويدركهم الفناء فينا..
وقليل يموتون ليخلد ذكرهم بين ظهرانينا..
فالحياة والموت توأمان متلازمان في داخلنا..
والحضور والغياب وجهان لعملة واحدة فينا..
والخلود والفناء يحددهما ما نقدمه لأوطاننا..
فطوبا للخالدين العظماء الكبار في وجداننا..
وطوبا للأحياء من الأموات الحاضرين فينا..
وطوبا للغائبين الحاضرين على الدوام بيننا..
من أين أبدأ أستاذي سي محمد لأعزي فيك؟؟
وهل أمثالك في حاجة إلى تعزية بعد موتك؟؟
وأنت حي يرزق بيننا بأفكارك وتحاليلك؟؟
فمن أين أبدأ أستاذي "جسوس" لأرثيك؟؟
أمن شخصك؟ أمن نضالك؟ أمن فكرك؟؟
أمن خصالك؟ أمن درسك؟ أمن أسئلتك؟؟
فموتك عندنا حياة متجددة تنبعث من بعدك..
فناؤك خلود بين أهلك وذويك ورقاق دربك..
غيابك حضور دائم بين معارفك وطلابك..
فأنت باق حقا بيننا روحا وفكرا رغم رحيلك.
أنت بجدارة.. أبا السوسيولوجية المغربية..
تأسيسا وتكوينا وتنظيرا وبحوثَ ميدانية..
ومكونٌ للأجيال فيها، بعطاء بكل أريحية.
ولو رحلْتَ عنا، تبقى بيننا أسئلتك الحارقة..
تحيى أبدا فينا، وتنبعث دوما باستمرارية..
خالدة بدون فناء، تزكو بالإرادات الحية..
من طلابك الأوفياء، بعرفان لنبل الرسالة..
رحلت معك جراحك وأسئلتك المحرقة..
وحربك "للتضبيع" أمانة إلى ما لا نهاية..
في عنق المناضل والطالب كهدف وغاية.
قدوة أنت لطلابك سلوكا وفكرا وتنظيرا..
نبراس علمك يضيء عقولا وأمصارا..
نهر أنت جارف معينه لا ينضب مدرارا..
نور فكرك يسري فينا اندفاعا وإصرارا..
أسئلتك المحيرة الحارقة تتناسل فينا فكرا..
دروسك القيمة تنفذ بين طلابك انتشارا..
بطابع التسخين والتعرية تنتشل انتصارا..
اسألوا عن كل مناقبه عند طلابه اقتدارا..
اسألوا عن محبيه عند كل الناس اختيارا..
اسألوا نضاله عن مواقفه وتحاليله تدبيرا.
شرف واعتزاز أن تكون طالبا من طلابه..
تتزاحم من أجل إيجاد مقعد في صف درسه..
في الغالب يتنازل عن مكتبه لأحد طلبته..
ويفضل البقاء واقفا يلقي درسا من دروسه..
كان احترامه للجميع يزيد من قدره واحترامه..
ما يميزه، يجعلك تحس أنك أقرب الناس إليه..
كان إنسانا كبيرا في تواضعه ولطفه وعطائه..
وكان إنسانيا مثاليا في نبله وتسامحه وتعامله..
يعطي بدون حدود من وقته وراحته وصحته..
هذا هو الأستاذ "جسوس" في ظاهره وطويته.
بدون سابق إنذار وبدون أي استشارة من القدر..
وبدون موعد تزورنا المنية ويرحل بنو البشر..
هكذا رحل "سي محمد جسوس" أستاذ النظر..
ضوءه أنار كثيراً كل دروب المعرفة والفكر..
كأنه لم يكن في يوم من الأيام في هذه الديار..
جامع بين الالتزام الجاد وقلق البحث المختار..
لم ينل لا اعترافا ولا تقديرا ولا حظوة الأبرار.
فعظماء الرجال لا يموتون كغيرهم من البشر..
رغم رحيله لم ينطفئ أبدا نور أفكاره بالمقدار..
فموته خلود دائم، وغيابه حضور أبدي بالتذكار.
-------------------------------------------
بنعيسى احسينات - المغرب